ومن درر كلامه رضي الله تعالى عنه أيضاً في هذا الجانب؛ حتى يتعلق الإنسان دائماً ويتطلع إلى الزيادة, ولا يطمئن ولا يركن إلى عمله, ولا يقول: أنا أرجو, ويحسن الظن في غير موضعه، قال: ''من كان يومه مثل أمسه فهو في نقصان''.
هذه القاعدة حتى في الدنيا: التجار، والشركات.. وغيرها, إذا كانت نسبة الربح في هذه السنة مثل النسبة التي كانت في السنة الماضية فإنهم يقولون: "أكيد أننا خسرنا, وما هي الفائدة, وربح هذه السنة مثل ربح السنة الماضية؟"
فدائماً يريدون النسبة أن ترتفع! هذا في دنيانا, لكن في الآخرة قليل من الناس من يفكر كذلك.
ولقد جاء عن بعض السلف أنه لو قيل له: "إنَّ يوم القيامة تقوم غداً" أو "إنك سوف تموت الليلة" ما زاد في عمله شيئاً..! فهؤلاء قوم أخذوا أنفسهم بهذه القاعدة, وكل يوم يأتي عليه فهو أفضل مما قبله, وصل في النهاية إلى أنه لو قيل له: تموت الآن أو تموت الليلة ما يزيد في الطاعات! لا يوجد مجال؛
لأنه مستكمل لكل جوانب الطاعات، لكن لو نظرنا إلى الغافلين اللاهين من أمثالنا: لو قيل له: "سوف تموت الليلة أو غداً", لقال: أريد أن أصلي, وأن أصوم، وأن أتصدق، وأن أجاهد!! فالأيام تمر ولم نسدها بعمل صالح فهي ثغرات مكشوفة, وهذه الثغرات المكشوفة يتسلسل منها العدو والشيطان والشهوات والدنيا، فيفاجأ الإنسان وقد دخل قلبه شيء من ذلك, لكن الذي يحرص كل يوم على أن يكون ما بعده خيراً منه, فإنه سيكون أكثر ذكراً لله, وأكثر حرصاً على طاعة الله، وأكثر طلباً للعلم النافع, وأكثر جهاداً, وأكثر أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر, وأكثر خوفاً, وأكثر رجاءً, وأكثر محبة ما استطاع, حتى لو نقص عمله الصالح أحياناً فإنه يعوضه.